أبكاني وأضحكني ما وصف الزعبي هنا
يا الله!! ما زلنا ندور بنفس الدائرة ،فمنذ ان صفعتنا داية الدنيا على "مؤخراتنا" لتعلن صلاحيتنا للحياة.. ونحن نطلب ولا نأخذ ، وهم يستطيعون ولا يعطون..
***
كانت ليلة طويلة، تلك التي أمضيتها قرب درجة الباب ،لم تكن طويلة وحسب بل وقاسية أيضا ، فبرغم صوتي المنشغل بالبكاء المتواصل ودموعي الدافئة التي تنزل على وجنتي ، الا أن أفراد العائلة كان يتسامرون ويتناقشون بمواضيع بعيدة كل البعد عن مطلبي ،الشيء الذي كان يجعلني أبدل نغمة البكاء بنغمة اكثر خشونة ،واضع غياراً ثقيلاً في "الجعير"..لعل بهذه الحركة يرق قلب أحد الحاضرين ويلبي طلبي البسيط .
معظم الأحيان كانت تلقى عبارات ممعنة في السفه و"التطنيش" على مسمعي مثل: " تلدّوش عليه هسع بزيد"..او "اتركوه هسع بزهق لحاله"..اما أصعبها وقعاً عليّ فكانت : "دشّروه"!!...مما يضطرني لرفع الصوت من جديد ورفس الباب برجلي بكل ما أوتيت من قوة مع النظر في وجوه العائلة فرداً فرداً عل احدهم يقترب مني ويستمع الى مطلبي،لا أخفيكم اني ما زلت معجباً بشجاعتي الى الآن فبرغم كل جمل التهديد التي تصدر من عليّة القوم أنذاك: مثل "هي ولك هسع باجي بمصع رقبتك"!!.."جيبولي الحفاية جاي ".."اما تعليلة!!"..الا اني بقيت مصرا على "التنكيد عليهم" ثابتا على موقفي محتلاً لدرجة الباب آخذاً الحفّايات كل الحفّايات كرهائن ووسيلة ضغط على الجالسين..
في نهاية المطاف وفي محاولة لانهاء الأزمة ، كان يقترب مني أكثرهم جنحاً للسلام ويسألني " فهمني شو بدكّ"؟..فأرد عليه بصوت متقطّع يقسّمه النشيج.." سا..ع..ة".."بدي ساعة"!!..فيبدأ بشرح الظرف الزماني والمكاني بشيء من التعجيز: "هسع الدنيا ليل..والدكاكين مسكّرة"..وما "ببيعوش ساعات" ..ارسملك ساعة رسم على ايدك احسنلك؟؟؟..ولأنني اريد انهاء ما بدأت به بأية وسيلة كنت اقول له: آه..فيخرج قلم "البك" ويبدأ برسم خطين متوازيين حول معصمي ليلتقيان بدائرة ثم يتكرّم ويضع عقربين معوجين للساعة يشيران على تمام التاسعة..عندها امسح "مخاطي" بردن بلوزتي واندس في فراشي لأنام قرير العين راضياً بأزهد المكاسب وأقل الخسائر..لكن قبل ان يطبق جفن النعاس على جفن التعب.. كان تنتابني وخزة حزن ..لماذا دائماً " اطلب ولا آخذ، وهم يستطيعون ولا يعطون"؟؟..
**
الانظمة العربية كذلك ، تمنح شعوبها ديمقراطية كما ساعة الحبر..وقتها وهمي، وزمانها لا يضبط.. و رسم المستقبل من خلالها مستحيل.